کد مطلب:90501 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:270
صف لی المتقین حتی كأنی أنظر إلیهم. فتثاقل علیه السلام عن جوابه، ثم قال: یَا هَمَّامُ، اتَّقِ اللَّهَ وَ أَحْسِنْ فَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذینَ اتَّقَوْا وَ الَّذینَ هُمْ مُحْسِنُونَ[1]. فلم یقنع همّام بهذا القول حتی عزم علیه. فقال علیه السلام: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذی لاَ تُدْرِكُهُ الشَّوَاهِدُ، وَ لاَ تَحْویهِ الْمَشَاهِدُ، وَ لاَ تَرَاهُ النَّوَاظِرُ، وَ لاَ تَحْجُبُهُ السَّوَاتِرُ. اَلدَّالِّ عَلی قِدَمِهِ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ، وَ بِحُدُوثِ خَلْقِهِ عَلی وُجُودِهِ، وَ بِاشْتِبَاهِهِمْ[2] عَلی أَنْ لاَ شَبیهَ لَهُ. اَلَّذی صَدَقَ فی میعَادِهِ، وَ ارْتَفَعَ عَنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ، وَ قَامَ بِالْقِسْطِ فی خَلْقِهِ، وَ عَدَلَ عَلَیْهِمْ فی [صفحه 189] حُكْمِهِ، وَ أَحْسَنَ إِلَیْهِمْ فی قَسْمِهِ. لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذی لاَ مِنْ شَیْ ءٍ كَانَ وُجُودُهُ فی قِدَمِهِ، وَ دَیْمُومِ أَزَلِهِ، وَ لاَ مِنْ شَیْ ءٍ كَوَّنَ[3] مَا قَدْ كَانَ، مِنْ إِحْدَاثِ فَطْرِهِ، وَ اخْتِرَاعِ إِبْدَاعِهِ. دَلاَلَةً مِنْهُ عَلَیْهِ بِإِتْقَانِ صُنْعِهِ وَ دَلاَئِلِ أَعْمَالِهِ، الصَّادِرَةِ إِلی إِذْعَانِ الاِقْرَارِ بِهِ لَدی عَجْزِ أَرْجَائِهَا، وَ تَأْلیفِ أَجْزَائِهَا. اَلْمَوْضُوعَةِ عَلی جِبِلَّةِ الاِضْطِرَارِ إِلی تَدْبیرِهِ، وَ اكْتِنَافِ إِمْسَاكِهِ، وَ سَوْمِ مَسیرِهِ، فیمَا قَرَّرَ مِنْ مَسَائِرِ الأَسْبَابِ فی صُنْعِ الطِّبَاعِ الْمُتَغَایِرَةِ بِأَقْدَارِهِ. وَ أَسْكَنَ مَعَادِنَ الأَجْنَاسِ مِنْ ذِلَّةٍ إِلی حِیَاطَتِهِ وَ إِسْفَاقِهِ فیمَا أَوْدَعَهَا مِنْ آثَارِ صُنْعِهِ، غَیْرَ مُسْتَغْنِیَةٍ عَنْ لُطْفِهِ وَ إِقَامَتِهِ، إِحْوَاجاً مِنْهُ لِمَبَالِغِ الْعُقُولِ وَ الأَوْهَامِ إِلَی الْعِبَرِ وَ الْفِكَرِ وَ النَّظَرَ فی مَلَكُوتِهِ، وَ سَعَةِ سُلْطَانِهِ، وَ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَ مَا عَلَیْهِ فیهِ مِنْ وُجُودِهِ فی قِدَمِهِ. إِذْ كَانَ وَ لاَ مَعَهُ وُجُودُ شَیْ ءٍ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ الَّتی بِهَا دَلَّ عَلی تَوْحیدِهِ، وَ هَدی إِلی مَعْرِفَتِهِ وَ مَعْرِفَةِ غَیْرِهِ مِنَ الأَشْیَاءِ الرَّاجِعَةِ إِلی صُنْعِهِ. وَ لِذَلِكَ مِنْهُ مَعْرِفَتَانِ قَضَاهُمَا لِخَلْقِهِ: مِعْرِفَةُ اسْتِغْرَاقٍ وَ إِحَاطَةٍ. وَ مَعْرِفَةُ هِدَایَةٍ وَ دَلاَلَةٍ. فَأَمَّا مَعْرِفَةُ الاِسْتِغْرَاقِ وَ الإِحَاطَةِ فَغَیْرُ جَائِزَةٍ لَهُ، وَ لاَ وَاقِعَةٌ عَلَیْهِ، لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الأَزَلِ، وَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحَدَثِ. وَ أَمَّا مَعْرِفَةُ الدَّلاَلَةِ وَ الْهِدَایَةِ إِلَیْهِ فَغَیْرُ مُدْرَكَةٍ إِلاَّ مِنْ طَریقِ مَا أَدْرَكَتْ صَرُورَاتُ الْعُقُولِ وَ الأَوْهَامِ مِنْ شَوَاهِدِ الصُّنْعِ وَ أَعْلاَمِ التَّدْبیرِ وَ الآیَاتِ الدَّالَّةِ عَلَیْهِ. إِذْ لاَ یُمِرُّ النَّاظِرُ الاِدْرَاكَ مِنْ عَشَرَةِ أَوْجُهٍ مِنَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَ إِدْرَاكِهَا، مِنْ سَمْعٍ وَ مَسْمُوعٍ. وَ بَصَرٍ وَ مُبْصَرٍ. وَ شَمٍّ وَ مَشْمُومٍ. وَ ذَوْقٍ وَ مَذُوقٍ. وَ لَمْسٍ وَ مَلْمُوسٍ. وَ كُلُّ ذَلِكَ، مِمَّا تَدُلُّ عَلَیْهِ الْعُقُولُ وَ الأَوْهَامُ، أَجْسَامٌ مَنْسُوبَةٌ إِلَی التَّأْلیفِ، وَ أَعْرَاضٌ عَاجِزَةٌ عَنِ [صفحه 190] الْقِیَامِ بِذَوَاتِهَا. وَ كُلُّ عَاجِزٍ فَمُضْطَرٌّ إِلی مُعْجِزهِ، وَ كُلُّ جِسْمٍ دَالٌّ عَلی مُؤَلِّفِهِ، فی ضَرُورَةِ [ حَاجَةِ ] الأَعْرَاضِ إِلی مُعْرِضِهَا، وَ ذَوَاتِ الأَجْسَامِ إِلی مُؤَلِّفِهَا وَ الْمُوجِدِ لِتَجْدیدِهَا وَ تَجْسیمِهَا. دَالَّةٌ عَلی حُدُوثِ فِطْرَتِهَا وَ نَشَأَةِ صَنْعَتِهَا عَنْ إیجَادِ مَوْجُودٍ مُتَقَدِّمٍ فِی الأَزَلِ لَهَا. اَلَّذی أَعْدَمَهَا قَبْلَ وُجُودِهَا بَعْدَ عَدَمِهَا. وَ فی ذَلِكَ دَلاَلَةٌ عَلی أَنَّ وُجُودَهُ وَجُودٌ مُبَایِنٌ لَهَا، خَارِجٌ مِنْ مُلاَمَسَتِهَا وَ مُشَابَهَتِهَا، لإِحْدَاثِهِ إِیَّاهَا، وَ تَقَدُّمِهِ لَهَا، وَ اسْتِحْقَاقِ الأَزَلِ قَبْلَهَا. إِذْ هِیَ مَعْدُومَةٌ فی ذَوَاتِهَا، غَیْرَ مُشَاهِدَةٍ لابْتِدَائِهَا، حَتَّی اضْطَرَّهَا الْحُدُوثُ إِلی وُجُودِهَا بَعْدَ عَدَمِهَا. وَ فِی الْحَالَةِ الثَّانِیَةِ مِنْ نَشْأَتِهَا عَنْ غَیْرِ مُخْتَلَقٍ كَانَتْ قَبْلَ حُدُوثِهَا، وَ ظَهَرَتْ أَجْسَاماً مَحْدُودَةً، وَ أَعْرَاضاً غَیْرَ مُسْتَغْنِیَةٍ عَنْ إِقَامَةِ الأَجْسَامِ إِیَّاهَا. تَدُلُّ بِحَالاَتِهَا الْخَمْسِ: مِنْ عَدَمِهَا، وَ وُجُودِهَا، وَ بَقَائِهَا، وَ تَقَلُّبِهَا، وَ فَنَائِهَا، ضَرُورَةً عَلی صَنْعَةِ وَاحِدٍ غَیْرِ مَنْسُوبٍ إِلی عَدَدِهَا، وَ لاَ مُشَاكِلٍ لَهَا فی ذَوَاتِهَا. لاخْتِلاَفِ طُعُومِهَا وَ أَلْوَانِهَا، دُونَ ثِقْلِهَا وَ خِفَّتِهَا، وَ تَصَرُّفِ نُقْصَانِهَا وَ زِیَادَتِهَا، وَ تَأْلِیفِ أَشْبَاحِهَا وَ صُوَرِهَا، وَ تَغَایُرِ ظُلَمِهَا وَ أَنْوَارِهَا الْمُتَلاَقِیَةِ فی أَقْطَارِ جَوِّهَا الْمُحیطِ بِهَا، وَ حُدُودِ إِمْكَانِهَا الْمُكَیِّفِ لَهَا. فَجَلَّ مُوجِدُهَا عَنْ صِفَاتِهَا وَ تَنَاهی غَایَاتِهَا، وَ تَعَالی عُلُوّاً كَبیراً. لَمْ یَخْلُ مِنْهُ مَكَانٌ فَیُدْرَكَ بِأَیْنِیَّتِهِ، وَ لاَ لَهُ شِبْهٌ[4] وَ لاَ مِثَالٌ فَیُوصَفَ بِكَیْفِیَّتِهِ، وَ لَمْ یَغِبْ عَنْ عِلْمِهِ شَیْ ءٌ فَیُنْعَتَ[5] بِحَیْثِیَّتِهِ. مُبَایِنٌ لِجَمیعِ مَا أَحْدَثَ مِنَ[6] الصِّفَاتِ، وَ مُمْتَنِعٌ عَنِ الاِدْرَاكِ بِمَا ابْتَدَعَ مِنْ تَصْریفِ الذَّوَاتِ، وَ خَارِجٌ بِالْكِبْرِیَاءِ وَ الْعَظَمَةِ مِنْ جَمیعِ تَصَرُّفِ الْحَالاَتِ. مُحَرَّمٌ عَلی بَوَارِعِ ثَاقِبَاتِ الْفِطَنِ تَحْدیدُهُ، وَ عَلی عَوَامِقِ نَاقِبَاتِ الْفِكْرِ تَكْییفُهُ، وَ عَلی غَوَائِصِ [صفحه 191] سَابِحَاتِ الْفِطَرِ تَصْویرُهُ. لاَ تَحْویهِ الأَمَاكِنُ لِعَظَمَتِهِ، وَ لاَ تَذْرَعُهُ الْمَقَادیرُ لِجَلاَلِهِ، وَ لاَ تَقْطَعُهُ الْمَقَاییسُ لِكِبْرِیَائِهِ. مُمْتَنِعٌ عَنِ الأَوْهَامِ أَنْ تَكْتَنِهَهُ، وَ عَنِ الأَفْهَامِ أَنْ تَسْتَغْرِقَهُ، وَ عَنِ الأَذْهَانِ أَنْ تُمَثِّلَهُ. قَدْ یَئِسَتْ مِنِ اسْتِنْبَاطِ الاِحَاطَةِ بِهِ طَوَامِحُ الْعُقُولِ، وَ نَضَبَتْ عَنِ الاِشَارَةِ إِلَیْهِ بِالاِكْتِنَاهِ بِحَارُ الْعُلُومِ، وَ رَجَعَتْ بِالصِّغَرِ عَنِ السُّمُوِّ إِلی وَصْفِ قُدْرَتِهِ لَطَائِفُ الْخُصُومِ[7]. وَاحِدٌ لاَ بِعَدَدٍ، وَ دَائِمٌ لاَ بِأَمَدٍ، وَ قَائِمٌ لاَ بِعَمَدٍ. لَیْسَ بِجِنْسٍ فَتُعَادِلَهُ الأَجْنَاسُ، وَ لاَ بِشَبَحٍ فَتُضَارِعَهُ الأَشْبَاحُ، وَ لاَ كَالأَشْیَاءِ فَتَقَعَ عَلَیْهِ الصِّفَاتُ[8]. تَتَلَقَّاهُ الأَذْهَانُ لاَ بِمُشَاعَرَةٍ، وَ تَشْهَدُ لَهُ الْمَرَائی لاَ بِمُحَاضَرَةٍ. لَمْ تُحِطْ بِهِ الأَوْهَامُ، بَلْ تَجَلَّی لَهَا، وَ بِهَا امْتَنَعَ مِنْهَا، وَ إِلَیْهَا حَاكَمَهَا. لَیْسَ بِذی كِبَرٍ امْتَدَّتْ بِهِ النِّهَایَاتُ فَكَبَّرَتْهُ تَجْسیماً، وَ لاَ بِذی عِظَمٍ تَنَاهَتْ بِهِ الْغَایَاتُ فَعَظَّمَتْهُ تَجْسیداً، بَلْ كَبُرَ شَأْناً، وَ عَظُمَ سُلْطَاناً. قَدْ ضَلَّتِ الْعُقُولُ فی أَمْوَاجِ تَیَّارِ إِدْرَاكِهِ، وَ تَحَیَّرَتِ الأَوْهَامُ عَنْ إِحَاطَةِ ذِكْرِ أَزَلِیَّتِهِ، وَ حَصِرَتِ الأَفْهَامُ عَنِ اسْتِشْعَارِ وَصْفِ قُدْرَتِهِ، وَ غَرِقَتِ الأَذْهَانُ فی لُجَجِ أَفْلاَكِ مَلَكُوتِهِ. مُقْتَدِرٌ بِالآلاَءِ، وَ مُمْتَنِعٌ بِالْكِبْرِیَاءِ، وَ مُتَمَلِّكٌ عَلَی الأَشْیَاءِ، فَلاَ دَهْرَ یَخْلِقُهُ، وَ لاَ وَصْفَ یُحیطُ بِهِ. قَدْ خَضَعَتْ لَهُ رَوَاتِبُ[9] الصِّعَابِ فی مَحَلِّ تُخُومِ قَرَارِهَا، وَ أَذْعَنَتْ لَهُ رَوَاصِنُ الأَسْبَابِ فی مُنْتَهی شَوَاهِقِ أَقْطَارِهَا[10]. مُسْتَشْهِدٌ بِحُدُوثِ الأَشْیَاءِ عَلی أَزَلِیَّتِهِ، وَ بِمَا وَ سَمَهَا بِهِ مِنَ الْعَجْزِ عَلی قُدْرَتِهِ، وَ بِمَا اضْطَرَّهَا إِلَیْهِ مِنَ الْفَنَاءِ عَلی دَوَامِهِ[11]. [صفحه 192] فَلَیْسَ لَهَا مَحیصٌ عَنْ إِدْرَاكِهِ إِیَّاهَا، وَ لاَ خُرُوجٌ عَنْ إِحَاطَتِهِ بِهَا، وَ لاَ احْتِجَابٌ عَنْ إِحْصَائِهِ لَهَا، وَ لاَ امْتِنَاعٌ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَیْهَا. كَفی بِإِتْقَانِ الصُّنْعِ لَهَا آیَةً، وَ بِمُرَكَّبِ الطَّبْعِ عَلَیْهَا دَلاَلَةً، وَ بِحُدُوثِ الْفَطْرِ عَلَیْهَا قِدْمَةً، وَ بِإِحْكَامِ الصَّنْعَةِ لَهَا عِبْرَةً. فَلَیْسَ إِلَیْهِ حَدٌّ مَنْسُوبٌ، وَ لاَ لَهُ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ، وَ لاَ شَیْ ءَ عَنْهُ مَحْجُوبٌ. تَعَالَی اللَّهُ عَنِ الأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ، وَ الصِّفَاتِ الْمَخْلُوقَةِ عُلُوّاً كَبیراً. أَلاَ وَ إِنَّ فی هِدَایَةِ مَا اضْطَرَّتْ إِلَیْهِ الْعُقُولُ وَ الأَوْهَامُ مِنْ تَحْقیقِ وُجُودِهِ، وَ إِخْلاَصِ تَوْحیدِهِ، وَ نَفْی شَبَهِهِ، دَلاَلَةً عَلی مَنَارِ عَدْلِهِ، وَ تَأْییدِ فَطْرِهِ، وَ عُمُومِ رَأْفَتِهِ، لاكْتِفَائِهِ بِنَفْسِهِ، وَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ غَیْرِهِ، وَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ لَهُ فی دَیْمُومِیَّتِهِ وَ قِدَمِهِ. فَسُبْحَانَ الْمُتَطَوِّلِ بِنَعْمَائِهِ، الْمُتَفَضِّلِ بِآلاَئِهِ عَلی بَرِیَّتِهِ. وَ تَبَارَكَ الْعَادِلُ فی حُكْمِهِ، الْحَكیمُ فی قَضَائِهِ، اللَّطیفُ بِعِبَادِهِ فیمَا أَمَرَهُمْ مِنْ طَاعَتِهِ، وَ هَدَاهُمْ بِهِ مِنْ دینِهِ، وَ دَلَّهُمْ عَلَیْهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، وَ دَعَاهُمْ إِلَیْهِ مِنَ الاِقْرَارِ بِهِ وَ الاِذْعَانِ لِرُبُوبِیَّتِهِ، عَلی غَیْرِ إِكْرَاهٍ عَلی طَاعَتِهِ، وَ لاَ قَسْرٍ مِنْهُ عَلی مَعْصِیَتِهِ بَعْدَ إِعْذَارِهِ وَ إِنْذَارِهِ، لِلْخُرُوجِ مِنْ تَنَاقُضِ الأُمُورِ، وَ الْبَدَاءَاتِ الَّتی لاَ تَلیقُ بِهِ فی كِبْرِیَائِهِ وَ امْتِنَاعِ سُلْطَانِهِ. لأَنَّ الْبَدَاءَاتِ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقینَ، فَكَیْفَ یَجُوزُ اخْتِیَارُ خَلْقِهِ عَمَّا عَنْهُ نَهی مِنْ عِصْیَانِهِ، وَ هَدْمِ اُمُورِهِ بَعْدَ ابْتِدَائِهِ بَطَوْلِهِ، وَ الدَّعْوَةِ إِلی مَعْرِفَتِهِ وَ طَاعَتِهِ؟. أَمْ كَیْفَ یُمْكِنُ فی عَدْلِهِ وَ جُودِهِ إِیجَابُ عَذَابِ الْمَقْسُورینَ مِنْ عِبَادِهِ عَلی جَحْدِهِ وَ الْكُفْرِ بِهِ بَعْدَ الَّذی تَقَدَّمَ لَهُ إِلَیْهِمْ مِنْ أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ، وَ تَطَوَّلَ عَلَیْهِمْ فیهِ مِنْ إِشْفَاقِهِ وَ حِیَاطَتِهِ، مَعَ سُبُوغِ النِّعْمَةِ، وَ صِحَّةِ الآلَةِ، وَ سَلاَمَةِ الْجَارِحَةِ، وَ مُهْلَةِ الأَجَلِ، وَ مَضْمُونِ الْهِدَایَةِ، وَ تَرَكُّبِ الاِسْتِطَاعَةِ، وَ قُوَّةِ الأَدَوَاتِ بِالْحُجَجِ الْمُبَیِّنَةِ، وَ الْكُتُبِ الْمُنیرَةِ، وَ الرُّسُلِ الدَّاعِیَةِ، وَ الآیَاتِ الزَّاجِرَةِ. مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَ مَا كُنَّا مُعَذِّبینَ حَتَّی نَبْعَثَ رَسُولاً[12]، مَعَ قَوْلِهِ: وَ مَا ظَلَمْنَاهُمْ وَ لكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمینَ[13]، وَ قَوْلِهِ: وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمی عَلَی الْهُدی[14]، [صفحه 193] وَ قَوْلِهِ: وَ قَضی رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ[15]، مَعَ قَوْلِهِ: هُوَ أَهْلُ التَّقْوی وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ[16]، وَ قَوْلِهِ: إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[17]. كُلُّ ذَلِكَ آیَاتٌ مُحْكَمَاتٌ عَلی سَبیلِ عَدْلِهِ، وَ مَنْهَجِ حُكْمِهِ، وَ سَعَةِ رَحْمَتِهِ. جَلَّ اللَّهُ تَعَالی عَنِ الظُّلْمِ، وَ الْخُرُوجِ مِنَ الْحِكْمَةِ فی حَمْلِ خَلْقِهِ، عَلی شَتْمِهِ وَ الاِفْتِرَاءِ عَلَیْهِ، عُلُوّاً كَبیراً. وَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ إیمَاناً بِرُبُوبِیَّتِهِ، وَ خِلاَفاً عَلی مَنْ أَنْكَرَهُ[18]. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ الْمُصْطَفی، وَ رَسُولُهُ الصَّفِیُّ، وَ أَمینُهُ الرَّضِیُّ، صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. أُسْرَتُهُ خَیْرُ أُسْرَةٍ، وَ شَجَرَتُهُ خَیْرُ شَجَرَةٍ، أَغْصَانُهَا مُعْتَدِلَةٌ، وَ ثِمَارُهَا مُتَهَدِّلَةٌ. مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَ هِجْرَتُهُ بِطَیْبَةَ، عَلاَ بِهَا ذِكْرُهُ، وَ امْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُهُ. إِبْتَعَثَهُ[19] بِالنُّورِ الْمُضی ءِ، وَ الْبُرْهَانِ الْجَلِیِّ، وَ الْمِنْهَاجِ الْبَادی، وَ الْكِتَابِ الْهَادی. أَرْسَلَهُ بِحُجَّةٍ كَافِیَةٍ، وَ مَوْعِظَةٍ شَافِیَةٍ، وَ دَعْوَةٍ مُتَلاَفِیَةٍ. أَظْهَرَ بِهِ الشَّرَائعَ الْمَجْهُولَةَ، وَ قَمَعَ بِهِ الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ، وَ بَیَّنَ بِهِ الأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ. أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ، وَ ظُهُورِ الْفَلَجِ، وَ إِیضَاحِ الْمَنْهَجِ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا، وَ حَمَلَ عَلَی الْمَحَجَّةِ دَالاً عَلَیْهَا، وَ أَقَامَ أَعْلاَمَ الاِهْتِدَاءِ، وَ مَنَارَ الضِّیَاءِ. وَ جَعَلَ أَمْرَاسَ الإِسْلاَمِ مَتینَةً، وَ عُرَی الإیمَانِ وَثیقَةً. فَمَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الإِسْلاَمِ دیناً تَتَحَقَّقُ شِقْوَتُهُ، وَ تَنْفَصِمُ عُرْوَتُهُ، وَ تَعْظُمُ كَبْوَتُهُ، وَ یَكُنْ مَآبُهُ إِلَی الْحُزْنِ الطَّویلِ، وَ الْعَذَابِ الْوَبیلِ. [صفحه 194] أمّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ اللهَ- سُبْحانَهُ وَ تَعَالَی-[20] خَلَقَ الْخَلْقَ حینَ خَلْقُهُمْ، فَأَنْزَمَهُمْ عِبَادَتَهُ، وَ كَلَّفَهُمْ طَاعَتَهُ[21]، غَنِیّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ، لأَنَّهُ لاَ تَضُُرُّهُ مَعْصِیَةٌ مَنْ عَصَاهُ، وَ لاَ تَنْفَعُهُ طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَهُ. فَقَسَمَ بَیْنَهُمْ مَعَایِشَهُمْ، وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْیَا مَوَاضِعَهُمْ، وَ وَصَفَهُمْ فِی الدّینِ حَیْثُ وَصَفَهُمْ. لكِنَّهُ- تَعَالی- عَلِمَ قُصُورَهُمْ عَمّا یَصْلُحُ عَلَیْهِ شُؤُونُهُمْ، وَ یَسْتَقیمُ بِهِ دَاءُ أَوَدِهِمْ، فی عَاجِلِهِمْ وَ اَجِلِهِمْ؛ فَأَدَّبَهُمْ بِأَدَبِهِ، فی أَمْرِهِ وَ نَهْیِهِ، فَأَمَرَهُمْ تَخْییراً، وَ كَلَّّفَهُمْ یَسیراً، وَ أَثَابَهُمْ كَثیراً. وَ أَمَازَ- سُبْحَانَهُ- بِعَدْلِ حُكْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ، بَیْنَ الْمُوجِفِ مِنْ أَنَامِهِ إِلی مَرْضَاتِهِ وَ مَحَبَّتِهِ، وَ بَیْنَ الْمُبْطِئِ عَنْهَا وَ الْمُسْتَظْهِرِ عَلی نِعْمَتِهِ مِنْهُمْ بِمَعْصِیَتِهِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ- عَزَّوَجَلَّ -:)أَمْ حَسِبَ الَّّذینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْیَاهُمْ وَ مَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا یَحْكُمُونَ(.[22]. وَ إِنَّمَا أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَیْهِمَا السَّلاَمُ مِنَ الْجَنَّةِ عُقُوبَةً لِمَا صَنَعَا، حَیْثُ نَهَاهُمَا فَخَالَفَاهُ، وَ أَمَرَهُمَا فَعَصَیَاهُ.[23]. فَالْمُتَّقُونَ فیهَاهُمْ أَهْلُ الْفَضَائِلِ[24]؛ مَنْطِقُهُمْ الصَّوَابُ، وَ مَلْبَسُهُمُ الاِقْتِصَادُ[25]، وَ مَأْكَلُهُمُ الْقُوتُ[26]، وَ مَشْیُهُمُ التَّوَاضُعُ. خَشَعُوا لِلّهِ- عَزَّوَجَلَّ- بِطَاعَتِهِ، وَ خَضَعُوا لَهُ بِعِبَادَتِهِ، رَاضینَ عَنْهُ فی كُلَّ حَالاَتِهِ.[27]. غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ- جَلَّ وَ عَزَّ-[28] عَلَیْهِمْ، وَ وَقَفُوا أَسْمَاعَهُمْ عَلَی الْعِلْمِ بِدینِهِمْ[29]. [صفحه 195] النّافِعِ لَهُمْ. نَزَلَتْ أنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِی الْبَلاَءِ كَالَّتی نَزَلَتْ[30] فی الرَّخاءِ، رِضیَّ مِنْهُمْ عَنِ اللهِ- تَعَالی- بِالْقَضَاءِ.[31]. وَلَوْ لاَ الاَجَلُ الَّذی[32] كَتَبَ الله عَلَیْهِمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أرْوَاحُهُمْ فی أجْسَادِهِمْ طَرفَةُ عَیْنِ شَوْقاً إلی جَزیلِ[33] الثَّوَابِ، وَ خَوْفاً مِنْ وَ بیلِ[34] الْعِقَابِ.[35]. عَظُمَ الْخَالِقُ فی أنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ مَا دُوئَهُ فی أَعْیَنهِمْ. فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَاَهَا، فَهُمْ فیهَا مُنَعَّمُونَ. وَهُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ قَدْ رَاَهَا[36]، فَهُمْ فیهَا مُعَذِّبُونَ. قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَ أَجْسَادُهُمْ نَحیفََةُ، وَ حَاجَاتُهُمْ خَفیفَةُ، وَ أََنْفُسُهُمْ عَفیفَةُ، وَ مَعُونَتُهُمْ لِلإِسْلاَمِ عَظیمَةٌ.[37]. صَبَرُوا أیّاماً قَصیرَةً، فَأَعْقَبَتْهُمْ رَاحةً طَویلَةً. تِجَارَةٌ مُرْبِحَةٌ یَسِِّرهَا لَهُمْ رَبُّهُمْ.[38]. أَرَادَتْهُمُ الدُّنیَا فَلَمْ[39] یُریدُوهَا، وَ طَلَبَتْهُمْ فَأَعْجَزُوهَآ[40]، وَ أَسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْهَا. أَمّا اللَّیْلُ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَالینَ[41] لأَجْزَاءِ الْقُرآنِ یُرَتِّلُونَهُ تَرْتیلاً؛ یُحَزَّنُونَ بِهِ أنْفْسَهُمْ. [صفحه 196] وَ یَسْتَثیرُونَ[42] بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ، [ وَ] مَا یُهَیِّجُ أَحْزَانَهُمْ، بُكَاءً عَلی ذُنُوبِهِمْ وَ جِرَاحِهِمْ وَ وَجَعِ كُلُومِهِمْ[43]. فَإِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فیهَا تَشْویقٌ رَكَنُوا إِلَیْهَا طَمَعاً، وَ تَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَیْهَا شَوْقاً، وَ ظَنُّوا أنَّهَا نُصْبُ أَعْیُنِهِمْ. وَ إِذَا مَرُّوا بِآیَةٍ فیهَا تَخْویفٌ أَصْغَوْا إِلَیْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ، وَ اقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ، وَ وَجِلَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ[44]، وَ ظَنُّوا أَنَّ زَفیرَ جَهَنَّمَ وَ شَهیقَهَا فی أُصُولِ اَذَانِهِمْ. فَهُمْ حَانُونَ عَلی أَوْسَاطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لجبَاهِهِمْ وَ أَكُفِّهِمْ وَ رُكَبِهِمْ وَ أَطْرَافِ أَقْدَامِهِمْ، یَطْلُبُونُ[45] إلَی اللهِ- تَعَالی- فی فَكَاكِ رِقَابِهِمْ مِنَ النَّارِ. تَجْری دُمُوعُهُمْ عَلی خُدُودِهِمْ، یُمُجِّدُونَ جَبّاراً عَظیماً. قَدْ حَلا فی أَفْوَاهِهِمْ وَ حَلا فی قُلُوبِهِمْ طَعْمُ مُنَاجَاتِهِ، وَلَذیذُ الْخَلْوَةِ بِهِ. قَدْ أَقْسَمَ اللهُ عَلی نَفْسِهِ بِجَلاَلِ عِزَّتِهِ لَیُوَرِّثَنَّهُمُ الْمَقَامَ الأَعْلی فی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَهُ[46]. وَ أَمَّا النَّهَارُ فَحُلَمَاءُ أَبْرَارٌ أَتْقِیَاءُ. قَدْ بَرَاهُمُ الْخَوْفُ بَرْیَ الْقِدَاحِ. یَنْظُرُ إِلَیْهِمُ النَّاظِرُ فَیَحْسَبُهُمْ مَرْضی، وَمَا بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَضٍ. أَوْ[47] یَقَولُ: قَدْ خُولطُوا؛ وَ لَقَدْ خَالَطَهُمَ أَمْرٌ عَظیمٌ. إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللهِ- تَعَالی- رَبِّهِمْ وَ شِدَّةَ سُلْطَانِهِ، مَعَ مَا یُخَالِطُهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَ أَهْوَالِ الْقیَامَةِ، أَفْزَعَ ذَلِكَ قُلُوبَهُمْ، وَ طَاشَتْ حُلُومُهُمْ، وَذَهِلَتْ مِنْهُ عُقُولُهُمْ. [صفحه 197] فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ بَادَرُوا إلَی اللهِ- تَعَالی- بِالأَعْمَالِ الزَّاكِیَةِ.[48]. لاَ یَرْضَوْنَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الْقَلیلَ، وَ لاَ یَسْتَكْثِرُونَ الْكَثیرَ. یَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ شِرَارٌ وَ إِنَّهُمْ الأَكْیَاسُ الأَبْرَارُ[49]؛ فَهُمْ لأَنْفُسهمْ مُتَّهِمُونَ، وَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ مُشْفِقُونَ. إِذَا زُكِّیَ أَحَدُهُمْ[50] خَافَ مِمَّا یُقالُ لَهُ؛ فَیَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسی مِنْ غَیْری، وَ رَبَی[51] أَعْلَمُ بی مِنْ نَفْسی[52] اَللَّهُمَ لاَ تُؤَاخِذْنی بِمَا یَقُولُون، وَ اجْعَلْنی أَفْضَلَ[53] مِمَّا یَظُنُّونَ، وَ اغْفِرْلی مَا لاَ یَعْلَمُونَ، فَإِنَّكَ عَلاَّمُ الْغُیُوبِ، وَ سَتَّارُ الْعُیُوبِ.[54]. فَمَنْ عَلاَمَةِ[55] أَحْدِهِمْ أَنَّكَ تَری لَهُ قُوَّةً فی دینٍ، وَ حَزْماً فی لینٍ،وَ إِیماناً فی یَقینٍ، وَ حِرْصاً فی عِلْمٍ، وَ عِلْماً فی حِلْمٍ، وَ كَیْساً فی رِفْقٍ، وَ رِفْقاً فی كَسْبٍ، وَ شَفَقَةًً فی نَفَقَةٍ، وَ فَهْماً فی فِقْهٍ[56]، وَ قَصْداً فی غَنْیً، وَ خُشُوعاً فی عِبَادَةٍ، وَ تَجَمُّلاً[57] فی فَاقَةٍ، وَ صَبْراً فی شِدَةٍ، وَ رَحْمَةً لِلْجُمْهُورِ، وَ إِعْطَاءً فی حَقٍّ[58]، وَ طَلَبَاً فی حَلاَلٍ، وَ نَشَاطاً[59] فی هُدیً، وَ تَحَرُّجاً عَنْ طَمَعٍ، وَ اعْتِصَاماً عِنْدَ شَهْوَةٍ، وَ بِرّاً فِی اسْتِقَامَةٍ. لاَ یَغُرُّهُ ثَنَاءُ مَنْ جَِهلَهُ، وَلاَ یَدَعُ إَحْصَاءَ مَا عَملَه؛ یَسْتَبْطِئُ نَفْسَهُ فِی الْعَمَلِ وَ هُوَ مِنْ صَالِحِ [صفحه 198] عَمَلِهِ عَلی وَجَلٍ.[60]. قَدْ أَحْیَا عَقْلَهُ، وَ أَمَاتَ شَهْوَتَهُ، وَ أَطَاعَ رَبَّهُ، وَ عَصی[61] نَفْسَهُ؛ حَتّی دَقَّ جَلیلُهُ، وَ لَطُفَ غَلیظُهُ. وَ بَرَقَ لَهُ لاَمِعٌ كَثیرُ الْبَرْقِ، فَأَبَانَ لَهُ الطَّریقَ، وَ سَلَكَ بِهِ السَّبیلَ؛ وَ تَدَافَعَتْهُ الأَبْوَابُ إِلَی بَابِ السَّلاَمَةِ، وَ دَارِ الإِقَامَةِ؛ وَ ثَبَتَتْ[62] رِجْلاَهُ بِطُمَأنینَةِ بَدَنِهِ فی قَرَارِ الأَمْنِ وَ الرّاحَةِ، بِمَا اسْتَعْمَلَ قَلْبَهُ، وَ أَرْضی رَبَّهُ. یُمْسی وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ، وَ یُصْبِحُ وَ هَمُّهُ الذِّكْرُ. یَبیتُ حَذِراً، وَ یُصْبِحُ فَرِحاً؛ حَذِراً لِمَا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَ فَرِحاً بِمَا أَصَابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ نِیَّتُهُ خَالِصَةٌ، وَ أَعْمَالُهُ لَیْسَ فیهَا غِشٌّ وَ خَدیعَةٌ. نَظَرُهُ عِبْرَةٌ، وَ سُكُوتُهُ فِكْرَةٌ، وَ كَلاَمُهُ حِكْمَةٌ.[63]. إِنِ اسْتَصْعَبَتْ عَلَیْهِ نَفْسُهُ فیمَا تَكْرَهُ[64] لَمْ یُعْطِهَا سُؤْلَهَا فیمَا تُحِبُّ. قُرَّةُ عَیْنِهِ فیمَا لاَ یَزُولِ، وَ زَهَادَتُهُ فیمَا لاَیَْبقی.[65]. یَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ، وَ الْعِلْمَ بِالْعَقْلِ، وَالْعَقْلَ بِالْصَّبْرِ[66] وَالْقَوْلَ بِالْعَمَلِ. [صفحه 199] تَرَاهُ بَعیداً كَسَلُهُ[67]، قَریباً أَمَلُهُ، قَلیلاً زَلَلُهُ، دَائِماً نَشَاطُهُ، مُتَوَقّعاً أَجَلَهُ، كَثیراً فِكْرُهُ.مَعْدُوماً كبْرُهُ، مَتیناً صَبْرُهُ، ذَاكراً رَبَّهُ[68]، خَاشِعاً قَلْبُهُ، عَازِباً جَهْلُهُ[69] قَانِعَةً نَفْسَهُ بِالَّّذی قُدِّرَ لَهُ.[70]. مَنْزُوراً أَكْلُهُ، سَهْلاً أَمْرُهُ، حَریزاً دینُهُ[71]، مَیِّتَهُ شَهْوَتُهُ، مَكْظُوماً غَیْظُهُ، صَافِیاً خُلْقُهُ، آمِناً مِنْهُ جَارُهُ. نَاصِحاً فِی السِّرِّ وَ الْعَلاَنِیَةِ، مُنَاصِحاً، مُتَبَاذِلاً، مُتَوَاخِیاً. لاَ یَهْجُرُ أَخَاهُ، وَلاَ یَغْتَابُهُ، وَلاَ یَمْكُرُ بِهِ. لاَ یُحَدِّثُ الأَصْدِقَاءَ بِالَّذی یُؤْتَمَنُ عَلَیْهِ، وَلاَ یَكْتُمُ شَهَادَةَ الأَعْدَاءِ. وَلاَ یَعْمَلُ شَیْئاً مِنَ الْحَقِّ رِئَاءً، وَلاَ یَتْرُكُهُ حَیَاءً.[72]. اَلْخَیْرُ مِنْهُ مَأْمُولٌ، وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأْمُونٌ. إِنْ كَانَ فِی الْغَافِلینَ كُتِبَ فِی الذّاكِرینَ، وَ إِنْ كَانَ فِی الذّاكِرینَ لَمْ یُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلینَ. یَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَ یُعْطی مَنْ حَرَمَهُ، وَ یَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ. لاَ یَعْزُبُ حِلْمُهُ، وَلاَیَعْجَلُ فیمَا یُریبُهُ، وَلاَیَأْسُفُ عَلی مَافَاتَهُ، وَلاَیَحْزَنُ عَلی مَا أَصَابَهُ، وَ یَصْفَحُ عَمّا تَبَیَّنَ لَهُ، وَ لاَ یَرْجُو مَا لاَ یَجُوزُ لَهُ الرَّجَاءُ. وَ لاَ یَفْشَلُ فِی الشِّدَّةِ وَ لاَ یَبْطَرُ فِی الرَّخَاءِ.[73]. بَعیداً فُحْشُهُ، لَیِّناً قَوْلُهُ، غَائِباً مُنْكَرُهُ[74]، حَاضِراً[75]، مَعْرُوفُهُ، صَادِقاً قَوْلُهُ، حَسَناً فِعْلُهُ[76]، [صفحه 200] مُقْبِلاً خَیْرُهُ، مُدْبِراً شَرُّهُ. حَیَاؤُهُ یَعْلُو شَهْوَتَهُ، وَوُدُّهُ یَعْلُو حَسَدَهُ، وَ عَفْوُهُ یَعْلُو حِقْدَهُ. هُوَ[77] فِی الزَّلاَزِلِ وَ قُورٌ، وَ فِی الْمَكَارِهِ صَبُورٌ، وَ فِی الرَّخَاءِ شَكُورٌ. لاَ یَحیفُ عَلی مَنْ یُبْغِضُ، وَلاَ یَأْثَمُ فیمَنْ یُحِبُّ، وَلاَ یَدَّعی مَا لَیْسَ لَهُ، وَلاَ یَجْحَدُ حَقّاً هُوَ عَلَیْهِ[78]، [ وَ] یَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ یُشْهَدَ عَلَیْهِ. هَشّاشٌ بَشّاشٌ، لاَ بِعَبّاسٍ وَ لاَ بِجَسّاسٍ. صَلیبٌ كَظّامٌ بَسّامٌ. دَقیقٌ النَّظَر، عَظیمُ الْحَذَرِ. لاَ یَبْخَلُ، وَ إِنْ بُخِلَ عَلَیْهِ صَبَرَ.[79]. لاَیُضیعُ مَا اسْتُحْفِظَ عَلَیْهِ وَلاَ یَنْسی مَا ذُكِّرَ، وَلاَ یُنَابِزُ بِالأَلْقَابِ، وَلاَ یَعْرِفُ الْعَابَ، وَلاَ یَبْغی عَلی أَحَد، وَلاَ یَهمُّ بِالْحَسَدِ[80]، وَلاَ یُِضَارٌ بِالْجَارِ، وَلاَ یَشْمَتُ بِالْمَصَائِبِ. مُؤَدٍّ لِلأَمَانَاتِ، عَامِلٌ بِالطّاعَاتِ، سَریعٌ إِلَی الْخَیْرَاتِ، بَطیءٌ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ. یَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَفْعَلُهُ، وَ یَنْهی عَنِ الْمُنْكَرِ وَ یَجْتَنِبُهُ[81]. وَلاَ یَدْخُلُ فِی الْبَاطِلِ، وَلاَ یَخْرُجُ مِنَ الْحَقَّ. عَقِلَ فَاسْتَحْیی، وَ قَنِعَ فَاسْتَغْنی[82]. إِنْ صَمَتَ لَمْ یَغُمَّهُ صَمْتُهُ، وَ إِنْ نَطَقَ لَمْ یَعْلُ لَفْظُهُ[83]، وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ یَعْلُ صَوْتُهُ[84]. [صفحه 201] لاَ یَجْمَحُ بِهِ الْغَیْظُ، وَلاَ یَغْلِبُهُ الْهَوی، وَلاَ یَقْهَرُهُ الشُّحُّ، وَلاَ یَطْمَعُ فیمَا لَیْسَ لَهُ. یُخَالِطُ النّاسَ بِعِلْمٍ، وَ یُفَارِقُهُمْ بِسِلْمٍ. یَتَكَلَّمُ لِیَغْنَمَ، وَ یَصْمُتُ لِیَعْلَمَ، وَ یَسْأَلُ لِیَفْهَمَ،وَ یَتَّجِرُ لِیَغْنَمُ. لاَ یَنْصِتُ لِلْخَیْرِ لِیَفْخَرَ بِهِ، وَلاَ یَتَكَلَّمُ لِیَتَجَبَّرَ بِهِ عَلی مَنْ سِوَاهُ[85] وَ إِنْ بُغِیَ عَلَیْهِ صَبَرَ حَتّی یَكُونَ اللهُ- جَلَّ ذِكْرُهُ-[86] هُوَ الْمُنْتَصِرُ[87] الَّذی یَنْتَقِمُ لَهُ. نَفْسَهُ مِنْهُ فِی عَنَاءٍ، وَ النّاسُ مِنْهُ فِی رَاحَةٍ[88]. أَتْعَبَ نَفْسَهُ لآخِرَتِهِ، وَ أَرَاحَ النّاسَ مِنْ نَفْسِهِ. بُعْدُهُ عَمَّنْ تَبَاعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزَاهَةٌ، وَ دُنُّوُهُ مِمَّنْ دَنَا مِنْهُ لینٌ وَ رَحْمَةٌ. لَیْسَ تَبَاعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ، وَ لاَدُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدیعَةٍ؛ بَلْ یَقْتَدی بِمَنْ سَلَفَ مِنْ أَهْلِ الْخَیْرِقَبْلَهُ، وَ هُوَ إِمَامٌ لِمَنْ خَلَفَ مِنْ أَهْلِ الْبِرِّ بَعْدَهُ. یَا هَمّامُ[89]؛ الْمُؤْمِنُ هُوَ الْكَیِّسُ الْفَطِنُ[90]؛ بِشْرُهُ فِی وَجْهِهِ، وَ حُزْنُهُ فی قَلْبِهِ، وَ قُوَّتُهُ فِی دینِهِ[91]؛ أَوْسَعُ شَیْءٍ صَدْراً، وَ أَذَّلُ شَیْءٍ نَفْساً، وَ أَرْفَعُ [ شَیْءٍ] قَدْراً. زَاجِرٌ عَنْ كُلِّ فَانٍ، حَاضٌّ عَلی كُلِّ حَسَنٍ. لاَ حَقُودٌ، وَلاَ حَسُودٌ، وَلاَ تّابٌ، وَلاَ سَبّابٌ، وَلاَ عَیّابٌ، وَلاَ مُغْتَابٌ[92]. یَكْرَهُ الرَّ فْعَةَ، وَ یَشْنَأُ السُّمْعَةَ. [صفحه 202] طَویلٌ غَمُّهُ، بَعیدٌ هَمُّهُ، كَثیرٌ صَمْتُهُ، مَشْغُولٌ وَقْتُهُ بِمَا یَنْفَعُهُ. وَ قُورٌ، ذَكُورٌ[93]، شَكُورٌ، صَبُورٌ. مَغْمُورٌ بِفِكْرَتِهِ، ضَنینٌ بِخَلَّتِهِ[94]. سَهْلُ الْخَلیفَةِ، لَیِّنُ الْعَریكَةِ. رَصینُ الْوَفَاءِ، قَلیلُ الأَذی. لاَ مُتَأَفِّكٌ وَلاَ مُتَهَتِّكٌ. كَثیرٌ عِلْمُهُ، عَظیمٌ حِلْمُهُ. لاَ یَبْخَلُ وَلاَ یَعْجَلُ، وَلاَ یَضَجَرُ وَلاَ یَبْطَرُ؛ وَلاَ یَحیفُ فی حُكْمِهِ، وَلاَ یَجُورُ فی عِلْمِهِ[95]. نَفْسَهُ أَصْلَبُ مِنَ الصَّلْدِ، وَ هُوَ أَذَلُّ مِنَ الْعَبْدِ، وَ مُكَادَحَتُهُ[96] أَحْلی مِنَ الشَّهْدِ. لاَ جَشِعٌ، وَلاَ هَلِعٌ، وَلاَ عَنِفٌ، وَلاَ صَلِفٌ، وَلاَ مُتُكَلِّفٌ، وَلاَ مُتَعَمِّقٌ. جَمیلُ الْمُنَازَعَةِ، كَریمُ الْمُرَاجَعَةِ. عَدْلٌ إِنْ غَضِبَ، رَفیقٌ إِنْ طَلَبَ. لاَ یَتَهَوَّرُ، وَلاَ یَتَجَبَّرُ. خَالِصُ الْوُدِّ، وَثیقُ الْعَهْدِ، وَفِیُّ الْعَقْدِ. شَفیقٌ وَصُولٌ، حَلیمٌ حَمُولٌ، قَلیلُ الْفُضُولِ. رَاضٍ عَنِ اللهِ، مُخَالِفٌ لِهَوَاهُ. لاَ یَغْلَظُ عَلی مَنْ یُؤْذیهِ[97]، وَلاَ یَخُوضُ فیمَا لاَ یَعْنیهِ. نَاصِرٌ لِلدّینِ، مُحَامٍ عَنِ الْمُؤمِنینَ، كَهْفٌ لِلْمُسْلِمینَ. لاَ یَخْرَقُ الثَّنَاءُ سَمْعَهُ، وَلاَ یَنْكِی الطَّمَعُ قَلْبَهُ، وَلاَ یَصْرِفُ اللَّعْبُ حُكْمَهُ، وَلاَ یُطْلِعُ الْجَاهِلَ عِلْمَهُ. [صفحه 203] قَوّالٌ فَعّالٌ، عَالِمٌ حَازِمٌ. لاَ بِفَحّاشٍ وَلاَ بِطَیّاشٍ. وَصُولٌ فِی غَیْرِ عُنْفٍ، بَذُولٌ فِی غَیْرِ سَرْفٍ. لاَ بِخَتّارٍ وَلاَ بِغَدّارٍ؛ وَلاَ یَقْتَفی أَثَراً، وَلاَ یَحیفُ بَشَراً. رَفیقٌ بِالْخَلْقِ، سَاعٍ فِی الأَرْضِ. عَوْنٌ لِلضَّعیفِ، غَوْثٌ لِلَّهیفِ. لاَ یَهْتِكُ سِتْراً، وَلاَ یَكْشِفُ سِرّاً. كَثیرُ الْبَلْوی، قَلیلُ الشَّكْوی. إِنْ رَأْی خَیْراً ذَكَرَهُ، وَ إِنْ عَایَنَ شَرّاً سَتَرَهُ. یَسْتُرُ الْعَیْبَ، وَ یَحْفَظُ الْغَیْبَ، وَ یُقیلُ الْعَثَرَةَ، وَ یَغْفِرُ الزَّلَّةَ. لاَ یَطْلِعُ عَلی نُصْحٍ فَیَذَرُهُ، وَلاَ یَدَعُ جُنْحَ حَیْفٍ فَیُصْلِحُهُ. أَمینٌ، رَصینٌ، تَقِیٌ، نَقِیٌ، زَكِیٌ، رَضِیٌ. یَقْبَلُ الْعُذْرَ، وَ یُجْمِلُ الذِّكْرَ، وَ یُحْسِنُ بِالنّاسِ الظَّنَّ، وَیَتَّهِمُ عَلَی الْعَیْبِ نَفْسَهُ. یُحِبُّ فِی اللهِ بِفِقْهٍ وَ عِلْمٍ، وَ یَقْطَعُ فِی اللهِ بِحَزْمٍ وَ عَزْمِ. لاَ یَخْرُقُ بِهِ فَرَحُ، وَ لاَ یَطیشُ بِهِ مَرَحٌ. مُذَكِّرٌلِلْعَالِمِ، مُعَلِّمٌ لِلْجَاهِلِ. لاَ یُتَوَقَّعُ لَهُ بَائِقَةٌ،وَلاَ یُخَافُ لَهُ غَائِلَةٌ. كُلُّ سَعْیٍ أَخْلَصُ عِنْدَهُ مِنْ سَعْیِهِ، وَكُلُّ نَفْسٍ أَصْلَحُ عِنْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ. عَالِمٌ بِعَیْبِهِ، شَاغِلٌ بِغَمَّهِ، وَلاَ یَثِقُ بِغَیْرِ رَبِّهِ. غَریبٌ، وَحیدٌ، حَزینٌ. یُِحِبُّ فِی اللهِ وَ یُجَاهِدُ فِی اللهِ لِیَتَّبِعَ رِضَاهُ. وَلاَ یَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ، وَلاَ یُوَالی فی سَخَطِ رَبِّهِ. مُجَالِسُ لأَهْلِ الْفَقْرِ، مُصَادِقٌ لأَهْلِ الصِّدْقِ، مُؤَازِرٌ لأَهْلِ الْحَقِّ. عَوْنٌ لِلْغَریبِ، أَبٌ لِلْیَتیمِ، بَعْلٌ لِلأَرْمَلَةِ، حَفِیٌّ بِأَهْلِ الْمَسْكَنَةِ. [صفحه 204] مَرْجُوٌّ لّكُلِّ كَریهَةٍ، مَأْمُولٌ لِكُلِّ شِدَّةٍ. أُولئِكَ الآمِنُونَ الْمُطْمَئِنُّونَ الَّذینَ یُسْقَوْنَ مِنْ كَأْسٍ لاَ لَغْوٌ فیهَا وَ لاَ تَأْثیمٌ أُولئِكَ شیعَتُنَا وَأَحِبَّتُنَا، وَمِنَّا وَ مَعَنَا. أَلاَ آهِ شَوْقَاً إِلَیْهِمْ[98]. فصعق همّام رحمه الله صعقة كانت نفسه فیها. فقال أمیرالمؤمنین علیه السلام: أَمَّا وَ اللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَخَافُهَا عَلَیْهِ. ثم قال: هَكَذَا تَصْنَعُ الْمَوَاعِظُ الْبَالِغَةُ بّأَهْلِهَا. فقال له قائل: فما بالك أنت یا أمیرالمؤمنین؟ فقال علیه السلام: وَ یْحَكَ؛ إِنَّ لِكُلِّ أَجَلٍ وَقْناً لاَ یَعْدُوهُ، وَ سَبَباً لاَ یَتَجَاوَزُهُ؛ فَمَهْلاً، لاَ تَعُدْ لِمِثْلِهَا؛ فَإِنَّمَا نَفَثَ الشَّیْطَانُ عَلی لِسَانِكَ.
وی أن صاحبا لأمیر المؤمنین علیه السلام یقال له همّام بن عباد كان رجلا عابدا. فقال یوما: یا أمیر المؤمنین،
صفحه 189، 190، 191، 192، 193، 194، 195، 196، 197، 198، 199، 200، 201، 202، 203، 204.